قناة علوم عظيمة على اليوتيوب

علوم الأرض والفلك

بحر السماء: كيف يكون النيل والفرات من أنهار الجنة ؟

قد يسأل البعض وما علاقة الأمر بالكروية والمسطحة وكذلك ما علاقته ببحر السماء المراد تأصيلة وإثبات وجوده من عدمه وأين محله . ومع متابعتك للمواضيع ستكون الرؤية الدينية الكاملة للأمر واضحة .
روى البخاري . عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ، فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ : نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهَرَانِ بَاطِنَانِ ؛ فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ،
وفي رواية
وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلَالُ هَجَرَ، وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الْفُيُولِ، فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ ؛ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ. فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ : أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ.
وعند مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَيْحَانُ، وَجَيْحَانُ، وَالْفُرَاتُ، وَالنِّيلُ، كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ".
وهنا وقف البعض يردون تلك الأحاديث ويضعونها موضع الشبهة لانها على حد علمهم لا علاقة لها بالواقع والكون الفسيح يشهد . رغم وجود تلك الأحاديث في أعلى مراتب الصحة وعلى يد الثقات نقلت .
والأمر فيه قولان .
 الأول وذهب إليه الكثير . في أن الأمر كنوع من التشبيه بفرضيتين . إما ان يكون تشبيه مجازي بفضلهما او تشبيه وجودي بوجود نظير لتلك الأنهار في الجنه على وجه الشبه ولا ربط بينهما .
 الثاني يقول بان منبع تلك الأنهار كما ظاهر النص من الجنة ويصلان حتما الى الأرض.
قال القاضي عياض : أحدهما : أن الإيمان عم بلادها ، أو الأجسام المتغذية بمائها صائرة إلى الجنة . والثاني - وهو الأصح - : أنها على ظاهرها ، وأن لها مادة من الجنة ، والجنة مخلوقة موجودة اليوم عند أهل السنة ، وقد ذكره مسلم في كتاب الإيمان في حديث الإسراء أن الفرات والنيل يخرجان من الجنة.

اما ابن حزم فرجح التشبيه لان خواصهما لا علاقة لها بخواص انهار الجنة كما وصفت الروضة قطعة من الجنة والضأن من الجنة ويوم من ايام الجنة وهكذا له شروحات طويلة في المسألة ...
واغلب التعليقات كانت منحصرة بين القولين .
نأتي للقول الثاني فإن لنا فيه أصحاب الارض المسطحة حجة .
في رواية للبخاري في حديث الإسراء عن أنس بن مالك موضع أخر . فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ ، فَقَالَ : " مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ ؟ ". قَالَ : هَذَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا . ... الى أخر الحديث.
وكان لابد من الجمع بين الحديثين . فقد رأى الرسول الكريم النهرين عندما رفع الى سدرة المنتهى . ورآهم في السماء الدنيا . اذن فمنبع تلك الأنهار من الجنة ولهما طرد الى السماء الدنيا وكذلك وصولا لمنابعهم في الأرض .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "وظاهر هاتين الروايتين متغاير، والجمع بينهما أنه رأى هذين النهرين عند سدرة المنتهى مع نهري الجنة، ورآهما في السماء الدنيا دون نهري الجنة، وأراد أن أصل نبعهما - النيل والفرات - من تحت سدرة المنتهى، ومقرهما في السماء الدنيا، ومنها ينزلان إلى الأرض، والعنصر هو الأصل. أما الباطنان فهما السلسبيل والكوثر"

قال الحافظ ابن دحية: ولنا في التأويل وجهان سديدان: أحدهما: أن يكون محمولا على ظاهره، ويكون معناه: أنه لما رأى عند سدرة المنتهى هذين النهرين مع نهري الجنة، وذلك في السماء السابعة، ورأى في السماء الدنيا هذين النهرين دون نهري الجنة كان لاختصاصهما بسماء الدنيا أصل من حيث الاختصاص، وهو الامتياز لهما دون نهري الجنة، سمى ذلك الامتياز والاختصاص عنصرا، أي عنصر امتيازهما، واختصاصهما، فهذا وجه سديد. والوجه الثاني: أن يكون عنصرهما مبتدأ يتعلق به خبر سابق، لم يتقدم له ذكر من حيث اللفظ، لكن من حيث العهد، ويكون معناه: هذا النيل والفرات، فيتم الكلام، ثم يكون عنصرهما ما كنت رأيت عند سدرة المنتهى يا محمد، .
اما عن سيحان وجيحان قال الحافظ ابن حجر: فلا تغاير هاتين الروايتين ما قبلهما؛ لأن المراد بهما أن في الأرض أربعة أنهار أصلها في الجنة، وحينئذ لم يثبت لسيحون وجيحون أنهما ينبعان من أصل سدرة المنتهى، فيمتاز النيل والفرات عليهما بذلك، وأما الباطنان المذكوران في الحديث الطويل، فقد تبين - من قبل - أنهما السلسبيل والكوثر، فهما غير سيحون وجيحون ولا يلزم من هذا أن يكون أصل السدرة في الأرض، فإن المراد بكونهما - النيل والفرات - يخرجان من أصلها غير خروجهما بالنبع من الأرض. والحاصل أن أصلها في الجنة، والنيل والفرات يخرجان أولا من أصلها، ثم يسيران إلى أن يستقرا في الأرض، ثم ينبعان، واستدل به على فضيلة ماء النيل والفرات لكون منبعهما من الجنة، وكذا سيحان وجيحان.

عند تطبيق تلك الرؤية على ارض كروية في كون غير متناهي فتكون بمثابة الأحجية التي يستحيل حلها . اما مع النموذج المسطح فالأمر بين وواضح جدا يتضمن وجود ارض شاسعة ممدوده تعلوها سبع سماوات طباقا . عرج رسولنا الكريم الى السماء الدنيا فرأى عنصر النيل والفرات كمياة تطرد وتنهمر وعندما رفع الى السدرة رأي الانهار رأي العين ولا يصح القول بالتشبيه كما قال بعض الشيوخ والعلماء الأجلاء . لان المعنى مع الروايتين واضح جدا وللأسف أنكره البعض وذهبوا للتشبيه لاستحالة الأمر في توصيف هذا الكون . اما مع ما تم ذكره فيصح بل ويرفض الرأي الأخر بالكلية .

وهنا لا نقول بأن كل مياه الانهار تنزل من ما يسمى بحر السماء أو انكارا لدورة المياة وكيفية نشاة السحب وانما هو تاصيل يخص النهرين وفقط مما تم الإشارة إليه في أحاديث الرسول .

هنا كان أول خيط لكون تلك الأنهار من الجنة و في السماء السابعة مرورا بالسماء الدنيا إلى الأرض .
يتبع ان شاء الله عدة مواضيع مترابطة عن المياه.
والسلام عليكم ورحمة الله

كيف يكون النيل والفرات من أنهار الجنة ؟.jpg (128 KB)


السابق
استحمار الشعوب بتفسير اطوار القمر
التالي
بحر السماء: تحقيق الأفلاك في القرآن والأثر الديني.

0 تعليقات

أضف تعليقا

اترك تعليقاً