قناة علوم عظيمة على اليوتيوب

علوم الأرض والفلك

بحر السماء: تحقيق الأفلاك في القرآن والأثر الديني.

إختلفت الأراء الأن حول مجرى الأفلاك والاجرام وماهية السماوات .فنقلوا الصحيح والموضوع . ونسبوا أقوال لبعض السلف والمفسرين .
فكان ولابد من تأصيل الأمر وتوضيحه .
للتمهيد . قال رب العزة . {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة : 5]
وعند كثير المفسيرين كالقرطبي وابن كثير والطبري وغيرهم وكذلك ما نقل عن السلف . يدبر الأمر تقديرا وتصريفا . لمن له الأمر ولمن له الخيرة .
وإختلفوا حول ذلك اليوم . ويغلبون الظن لما ورد في كثير من أحاديث الرسول الكريم حول مسيرة خمسمائة عام بين السماء والأرض .
فبقول مختصر عند إبن كثير . قال مجاهد ، وقتادة ، والضحاك : النزول من الملك في مسيرة خمسمائة عام ، وصعوده في مسيرة خمسمائة عام ، ولكنه يقطعها في طرفة عين; ولهذا قال تعالى : ( في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) .
وفي مرويات عن ابن عباس والضحاك وغيرهم ان العروج عائد على الأمر نفسه ويشمل السبع سماوات .
تلك الأية الكريمة لها عناية وتدقيق لدى المفسرين وخصها البعض بمبحث كامل لما تحمله من معنى عظيم
سرد بعض أيات الرحمن في ما تم بيانه عن الافلاك
قال تعالى: { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } [الطلاق: 12] .

وقال تعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } [الفرقان: 61-62] .
وتفسير البروج على عدة اقوال .
بروج قصور حرس السماء . او منازل الشمس والقمر . قال ابن عباس : أي جعلنا في السماء بروج الشمس والقمر ; أي منازلهما . وأسماءها ك : الحمل ، والثور ، والجوزاء ، والسرطان .وقول بروج اي كواكب . وقول نسب اصل الكلمة للتبرج والزينة ونسبها للنجوم والكواكب زينة السماء .
وقال تعالى: { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ * لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [الصافات: 6-10] .

قال البخاري في كتاب بدء الخلق، وقال قتادة: { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ } [الملك: 5] .

خلق هذه النجوم الثلاث، جعلها زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول بغير ذلك فقد أخطأ وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به.
وهذا الذي قاله قتادة .
من بعض ما يتم نقله أيضا عن حركة الأفلاك حديث البخاري .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس:
« تدري أين تذهب؟ »
قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: « فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى: { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } [يس: 38] ».
وله تصنيفات وشروحات عديدة في كتب المحدثين . لكن الاقرب فيها الى قلبي والذي يجمع عليه الغالب ان لا يردوا الحديث ولازالوا يضعونه موضع الصحة وفيه قول أن الشمس عندما تكون في اقصى مغربها في موقع اقرب الى عرش الرحمن كما تدرك ذلك فتتهيأ وتستأذن للسجود من خلال فلكها ولا يعلم الكيفية غير الله وتستكمل مسيرها . لكن يوم خروجها من مغربها تعود من حيث أتت عكس مدارها وفلكها .
قال ابن مسعود ، وابن عباس : " والشمس تجري لا مستقر لها " أي : لا قرار لها ولا سكون ، بل هي سائرة ليلا ونهارا ، لا تفتر ولا تقف . كما قال تعالى : ( وسخر لكم الشمس والقمر دائبين ) [ إبراهيم :
فهنا لا نرد الحديث ولا نغالط فيه . ما دمنا لا علم لنا عليه .

عن كيفية الفلك
قال تعالى .(لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [يس : 40]
تفسير ابن كثير
وقوله : ( وكل في فلك يسبحون ) يعني : الليل والنهار ، والشمس والقمر ، كلهم يسبحون ، أي : يدورون في فلك السماء . قاله ابن عباس ، وعكرمة ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، وعطاء الخراساني .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : في فلك بين السماء والأرض . رواه ابن أبي حاتم ، وهو غريب جدا ، بل منكر .

قال ابن عباس وغير واحد من السلف : في فلكة كفلكة المغزل .

وقال مجاهد : الفلك كحديد الرحى ، أو كفلكة المغزل ، لا يدور المغزل إلا بها ، ولا تدور إلا به .

أين موقع الأفلاك من السماوات .

في بعض تصنيفات الأخوة يضعون الترتيب تزامني لبعض الكواكب وكذلك الشمس في السماء الرابعة والقمر في الأولى وخصصوا كواكب لسماء معينة . بل منهم من تمادى ورفع كل الافلاك جميعا الى السماء السابعة .
فهل هذا له تأصيل ديني أم مجرد اجتهادات .
هل ترتيب الأفلاك هو ترتيب للسماوات كما يستشد البعض .

قال الشيخ بن العثيمين في تفسير سورة (يس قوله تعالي " لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ "
ضعف قول من قال إن الشمس في السماء الرابعة و القمر في السماء الدنيا ، و يجعلون الكواكب و الشمس و القمر كواكب معينة في كل سماء .. على ترتيب من الأعلي إلي الأدني :

و ليس هذا من كتاب الله و لا من سنة رسول الله صلي الله عليه و سلم )
بل كلام ابن كثير يدل علي أنه لم يجد الدليل علي ذلك .
قال الشيخ
( و أما ما اشتهر من كون القمر في السماء الدنيا ، و عطارد في الثانية ، و الزهرة في الثالثة ، و الشمس في الرابعة ، و المريخ في الخامسة ، و المشتري في السادسة ، و زحل في السابعة ، فإن هذا مما تلقي من علماء الفلك و الهيئة و ليس في حديث صحيح عن النبي صلي الله عليه و سلم .
و يدل علي ذلك أن ابن كثير رحمه الله مع سعة اطلاعه لما تكلم عن أن الشمس في الفلك الرابع قال : " و ليس في الشرع ما ينفيه بل في الحس و هو الكسوفات ما يدل عليه و يقتضيه "
فقوله " و ليس في الشرع ما ينفيه " و استدلاله علي ثبوته بالحس دليل علي أنه ليس في الشرع ما يثبته ، أي ما يثبت أن الشمس في الفلك الرابع و الله أعلم )
هنا أيضا لدى قول يفصل بين السماوات والأفلاك

، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والحق أن الشمس في الفلك الرابع، والسموات السبع عند أهل الشرع غير الأفلاك خلافاً لأهل الهيئة. ا.هـ
أذن فالأمر مردود حتى مع ضبطه .
نعود للأيات الكريمة {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات : 6]
( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير ) [ الملك : 5 ]
قول صريح بزينة السماء الدنيا بالكواكب .
وتأتي الأية التي تخص نور القمر . ويختلف عليها بعض الأخوة.
{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح : 16]
هل القمر ينير كل السماوات "فيهن نورا " ام هناك رأي أخر
قول مختلف عند القرطبي يخص تلك الأية
قال وجعل القمر فيهن نورا أي في سماء الدنيا ; كما يقال : أتاني بنو تميم وأتيت بني تميم والمراد بعضهم
واورد أيضا قول وقال ابن عباس وابن عمر : وجهه يضيء لأهل الأرض وظهره يضيء لأهل السماء .
كما أورد قول القشيري عن ابن عباس أن الشمس وجهها في السموات وقفاها في الأرض . وقيل : على العكس .وكذلك القمر .

تدور الأفلاك على الأرض .تملأ السماء كواكب سيارة وثابتة وشمس وقمر مسخرات الى يوم الدين .
وعلى ما تقدم يستند أهل العلم على قول راجح لديهم أن الأفلاك جميعا في السماء الدنيا . حتى إن ذلك القول أورده من قال بوجود بعض الافلاك في السبع سماوات .وذلك على سبيل الترجيح والنقل ولم يردوه بدليل .
هذا قول مختصر ليس باجتهاد وانما بالنقل .
قال تعالى .
{۞ مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف : 51]
صدق الله العظيم

تحقيق الأفلاك في القرآن والأثر الديني..jpg (104 KB)


السابق
بحر السماء: كيف يكون النيل والفرات من أنهار الجنة ؟
التالي
بحر السماء: السماء في كتاب الله

0 تعليقات

أضف تعليقا

اترك تعليقاً