بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد ان لا اله ألا الله و ان محمداً عبده ورسوله .. أما بعد..
سنتحدث في هذا الموضوع عن بعض الشبهات التي تتعلق بالأية الكريمة ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾. وسنقسم بحثنا إن شاء الله إلى أربعة أقسام.
01- معنى الدحو ونسف شبهة التشبيه بالبيضة:
02- ما معنى الدحو في لسان العرب؟
03- عرض بعض التفاسير للأية الكريمة.
04- دحا في الأشعار العربية.
01- معنى الدحو ونسف شبهة التشبيه بالبيضة:
المؤوِّلين المعاصرين للقرأن والأحاديث من علماء الإعجاز الذين يعتقدون بكروية الأرض فسروا قوله تعالى : ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾. بقولهم أن الأرض بيضوية لأن الأدحية هي بيضة النعامة ثم قالوا أن هذا التشبيه هو الأفضل لوضع الأرض وكرويتها هو بيضة النعامة و ليس البيضة العادية لأن البيضة العادية شكلها ليس مثل شكل الأرض.
فالأدحية التى يزعم سماسرة الإعجاز أنها أشارت لأحدث البحوث الفلكية التى أثبتت الشكل البيضاوى للأرض فهى لاتعنى بيضة النعامة ولكنها تعنى مبيض النعامة أى المكان الذى تبيض فيه وسمى كذلك لأن النعامة تدحوه برجلها أى تبسطه وتوسعه.
طائر النعام لا يبنى عشا، بل [ يدحو الأرض برجله، حتى يبسط التراب ويوسعه ثم يبيض فيه]. والدِحية بكسر الدال هو رئيس الجند. والدَحية بفتح الدال هى أنثى القرد. ولا أحد أعرف من أين استمد ( أصحاب الإعجاز) كلمة الدحية بمعنى البيضة.
سنرى بحول الله في القسم الثاني ان هذا الكلام لا يصح وكله زوراً وبهتاناً وقد تم وضع هذا المعنى اللغوي (المُخْتَرع) الذي لا أصل له كي يوافقوا العلوم الحديثة فقط.
فالأدحي والإدحي والأدحية والإدحية والأدحوة هي مبيض النعام في الرمل لأنه ليس للنعام عش. ويقال لعش النعامة أدحية لأنه مبسوط على وجه الأرض فالنعامة تدحوه برجلها أي تبسطه، ثمَّ تبيض فيهِ. فمَدْحَى النعام: موضع بيضها، وأُدْحِيُّها: موضعها الذي تُفَرِّخ فيه.
إذن فالدحو في اللغه العربيه هو المد والبسط والتمهيد والالقاء, يقال:( دحا) الشيء( يدحوه)( دحوا) اي بسطه ومده, او القاه ودحرجه حيث يقال:( دحا) المطر الحصى عن وجه الارض؛ أي دحرجه وجرفه.

الأدحية - الموضع التي تبسط فيه النعامة بيضها
ثم إذا فرضنا جدلاً أن ادعاءهم صحيح ، فهل نفهم من كلمة دحاها أنه باضها ؟
ولماذا لم يذكر الله سبحانه وتعالى ذلك بصريح العبارة (والأرض بعد ذلك كورها) ثم أننا نرى في المقابل أنه سبحانه وتعالى ذكر ما يناقضها في عدة مواضع "سُطِحَتْ"، و"مِهَاداً"، و"فِرَاشاً"، و"بِسَاطاً"، و"مَدَدْنَاهَا"، و"مَدَّ"، و"طَحَاهَا"
ومن جهة أخرى نلاحظ الفرق الكبير بين طول وعرض البيضة مقارنة مع الأرض، أما الكرة الأرضية فلها شكل كروي رغم الفرق البسيط بين الأقطار الذي لا يتجاوز عند أكبر فرق 47 كيلومتر من أصل أكثر من 12700 كيلو متر ، أما الفرق في أقطار البيضة فيقرب من الربع .

صورة توضح أبعاد الأرض مقارنة بأبعاد البيضة.
وهنا يقع الكرويون بين أمرين أحلاهما مر
01 - إما أن ألأرض كروية وهنا يسقط هذا التشبيه.
02 - وإما أن الأرض بيضوية مثل بيضة النعامة وهنا يلزمهم بقول أن جميع صور الأرض مزيفة.
هناك تساؤل أخر:
إذا كان "دحو الأرض" هو جَعلها "كروية"، فهل يجوز ويصح أن نقول بوجود الليل والنهار "قَبْلَ" دحو الأرض؟
لقد وَرَدَت الآية "وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا" بَعْدَ الآيات "أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا. رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا. وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا".
فالخالِق (وقَبْلَ أن يَجْعَل الأرض كروية) أغطش ليلها، أي أظْلَمَهُ، وأخرج ضحاها، أي أبرز النور، أو النهار؛ فَلْتُمْعِنوا النظر لعلَّكم تفقهون!
خطب عبد الله بن عباس أهل العراق بصفين، فقال:
"الحمد لله رب العالمين، الذي دحا (بسط) تحتنا سبعًا، وسمك (رفع) فوقنا سبعًا، وخلق فيما بينهن خلقًا، وأنزل لنا منهن رزقًا، ثم جعل لكل شيء قدرًا، يبلى ويفنى، غير وجهه الحي القيوم، الذي يحيا ويبقى. (من كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة)
02- ما معنى الدحو في لسان العرب؟

قَالَ: بَسَطَها؛ قَالَ شَمِرٌ: وأَنشدتني أَعرابية: الحمدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطاقَا، ... بَنَى السماءَ فَوْقَنا طِباقَا، .. ثُمَّ دَحا الأَرضَ فَمَا أَضاقا
قَالَ شَمِرٌ: وَفَسَّرَتْهُ فَقَالَتْ دَحَا الأَرضَ أَوْسَعَها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِزَيْدِ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْل:
دَحَاها، فَلَمَّا رَآهَا اسْتَوَتْ ... عَلَى الْمَاءِ، أَرْسَى عَلَيْهَا الجِبالا
ودَحَيْتُ الشيءَ أَدْحاهُ دَحْياً: بَسَطْته، لُغَةً فِي دَحَوْتُه؛ حَكَاهَا اللِّحْيَانِيُّ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وصلاتهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اللَّهُمَّ دَاحِيَ المَدْحُوَّاتِ
، يَعْنِي باسِطَ الأَرَضِينَ ومُوَسِّعَها، وَيُرْوَى؛ دَاحِيَ المَدْحِيَّاتِ. والدَّحْوُ: البَسْطُ. يُقَالُ: دَحَا يَدْحُو ويَدْحَى أَي بَسَطَ وَوَسَّعَ. والأُدْحِيُّ والإِدْحِيُّ والأُدْحِيَّة والإِدْحِيَّة والأُدْحُوَّة: مَبِيض النَّعَامِ فِي الرَّمْلِ، وَزْنُهُ أُفْعُول مِنْ ذَلِكَ، لأَن النَّعَامَةَ تَدْحُوه برِجْلها ثُمَّ تَبِيض فِيهِ وَلَيْسَ لِلنَّعَامِ عُشٌّ. ومَدْحَى النَّعَامِ: مَوْضِعُ بَيْضِهَا، وأُدْحِيُّها: مَوْضِعُهَا الَّذِي تُفَرِّخ فِيهِ.
يُقَالُ هُوَ يَدْحُو بالحَجَرِ بيَدِه أَيْ يَرْمِي بِهِ وَيَدْفَعُهُ، قَالَ: والدَّاحِي الَّذِي يَدْحُو الحَجَر بيدهِ، وَقَدْ دَحَا بِهِ يَدْحُو دَحْواً ودَحَى يَدْحَى دَحْياً. ودَحَا المَطَرُ الحَصَى عَنْ وَجْهِ الأَرض دَحْواً: نَزَعه. وَالْمَطَرُ الدَّاحِي يَدْحَى الحَصَى عَنْ وَجْهِ الأَرض


والمِدْحاةُ، كمِسْحاةٍ: خَشَبَةٌ يدْحَى بها الصَّبِيُّ، فَتَمُرُّ على الأرضِ، لا تَأْتِي على شيءٍ إلاَّ اجْتَحَفَتْه. وتَدَحَّى: تَبَسَّطَ.




وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «لَا تَكُونُوا كَقَيضِ بَيضٍ فِي أَدَاحِيَّ» الْأَدَاحِيُّ: جَمْع الْأُدْحِىِّ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَبِيضُ فِيهِ النَّعامة وتُفَرِّخ، وَهُوَ أُفْعُول، مِنْ دَحَوْتُ، لِأَنَّهَا تَدْحُوهُ برِجْلِها، أَيْ تَبْسُطه ثُمَّ تبيضُ فِيهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «فَدَحَا السَّيلُ فِيهِ بالبَطْحاء» أَيْ رَمَى وألْقى.

قالَ الجَوهرِيُّ: قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {والأَرْض بعدَ ذلكَ {دَحاها} ، أَي بَسَطَها. قُلْتُ: وَهُوَ تَفْسيرُ الفرَّاء.
قالَ شمِرٌ: وأَنْشَدَتْني أَعْرابِيَّة: الحمدُ للَّهِ الَّذِي أَطاقَابَنَى السَّماءَ فَوْقَنا طِباقَا ثمَّ دَحَا الأَرضَ فَمَا أَطاقَا. قالَ شَمِرٌ: وفَسَّرَتْه فقالتْ: دَحا الأَرضَ أَوْسَعَها. وأَنْشَدَ ابنُ برِّي لزيدِ بنِ عَمْرو بن نُفَيل:
دَحَاها فلمَّا رَآهَا اسْتَوَتْ.. على الماءِ أَرْسَى عَلَيْهَا الجِبالا.
وَفِي صلاةِ عليَ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ: (اللهُمَّ {دَاحِيَ} المَدْحُوَّاتِ) ، يَعْني باسِطَ الأَرَضِينَ ومُوَسِّعَها.
( {والأُدْحِيَّةُ} والأُدْحُوَّةُ) ، بضمِّهِما: (مَبيضُ النَّعامِ فِي الرَّمْلِ) لأنَّه {يَدْحُوه برِجْلِه، أَي يَبْسُطه ويُوسعُه ثمَّ يَبِيضُ فِيهِ، وليسَ للنَّعامِ عُشٌّ.
وتَدَحَّى: تَبَسَّطَ. يقالُ: نامَ فلانٌ فتَدَحَّى أَي اضْطَجَعَ فِي سَعَةٍ من الأرْضِ. وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ: المَدْحِيَّات: المَبْسُوطات. لُغَةٌ فِي المَدْحُوَّات.

الأُدْحِيُّ: المَوْضِعُ التي تَبْيْضُ فيه النَّعَامَةُ.





(تدحى) تبسط واتسع وَالْإِبِل فِي الأَرْض تفحصت فِي مباركها السهلة حَتَّى تدع فِيهَا حفرا وَإِنَّمَا تفعل ذَلِك إِذا سمنت
(الأدحوة) مَوضِع بيض النعام وتفريخه. (الأدحية) الأدحوة وَيُقَال للنعامة بنت أدحية



وقال زيد بن عمرو بن نفيل : (دحاها فلما رآها استَوَتْ ... على الماءِ أَرْسى عليها الجبالا). وأنشد أبو عبيدة:
(أَنْشُدُ كلَّ مسلمٍ شهادَه ...هل كانَ منكم في الحماسِ سادَه .. أو ملك تُدحى له إسادَه .) معناه : تُبسط له وِسادة

وَفِي حَدِيث عَليّ ح: أَنه قَالَ (اللَّهم دَاحِيَ المُدْحِيَّات) يَعْنِي باسطَ الأرَضينَ السَّبع وموسعَها، وَهِي المدحُوّات بِالْوَاو. والأُدْحيُّ مَبِيضُ النعام.
{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} . قَالَ: بَسَطَها. وَقَالَ شمر أنشدتني أعرابية:
الْحَمد لله الَّذِي أَطَاقَا .. بَنَى السَّماءَ فَوْقَنَا طِبَاقَا .. ثمَّ دَحَا الأرْضَ فَما أَضَافا
قَالَ شمر: وفَسَّرَتْه فَقَالَت: دحا الله الأرْضَ أوْسَعَها. قَالَت: وَيُقَال: نَام فلانٌ فتدَحَّى أَي اضْطجع فِي سَعَةِ الأَرْض.

ومَدْحى النعامةِ: موضع بيضها. وأُدْحِيُّها: موضعها الذي تفرّخ فيه ; وهو أُفْعولٌ من دَحَوْتُ، لأنها تَدْحوهُ برجلها ثم تبيضُ فيه. وليس للنعام عش.

وتقول في غير ذلك: دححتُ البيت وغيره، إذا وسعتهُ
وأدحيُّ النعام: الموضع الذي يُفرخُ فيه. أفعول من دحوتُ، لأنه يدحوه برجله.

يُقَالُ: دَحَا اللَّهُ الْأَرْضَ يَدْحُوهَا دَحْوًا، إِذَا بَسَطَهَا. وَيُقَالُ دَحَا الْمَطَرُ الْحَصَى عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ. وَهَذَا لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَا فَقَدْ مَهَّدَ الْأَرْضَ.
أُدْحِيُّ النَّعَامِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُفَرِّخُ فِيهِ، أُفْعُولٌ مِنْ دَحَوْتُ; لِأَنَّهُ يَدْحُوهُ بِرِجْلِهِ، ثُمَّ يَبِيضُ فِيهِ. وَلَيْسَ لِلنَّعَامَةِ عُشٌّ.

والأُدْحِىُّ والإدْحِىُّ والأُدْحِيَّةُ والإدْحِيَّةُ والأُدْحُوَّةُ: مبيض النعام فِي الرمل، وَزنه أفعول، من ذَلِك، لِأَن النعامة تدحوه برجلها ثمَّ تبيض فِيهِ.
والأُدْحِىُّ: منزل بَين النعائم . والمطر يَدْحَى الْحَصَى عَن وَجه الأَرْض دَحْواً

والمَطَرُ الدَّاحِي الَّذِي يَدْحَى الحَصَى عَنْ وَجْهِ الأرَضِ والدَّحْوُ البَسْطُ من قَوْله عز وَجل {والأرضَ بعدَ ذَلِك دَحَاهَا}


ويقال للاعب بالجوز: ابعد وادحه أي ارمه وأزله عن مكانه. ودحا المطر الحصى عن الأرض: كشفه. وكأنهن البيض في الأداحيّ. وباضت النعامة في أدحيّها وهو مفرخها لأنها تدحوه أي تبسطه وتوسّعه.




03- عرض بعض التفاسير للأية الكريمة.

دار دحاها ثم أعمرنا بها ... وأقام بالأخرى التي هي أمجد
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) : أي بسطها.
حدثني محمد بن خلف، قال: ثنا رَوّاد، عن أبي حمزة، عن السدي (دَحَاها) قال: بسطها.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان: (دَحَاها) بسطها.

{وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} أي بسطها. وهذا يشير إلى كون الأرض بعد السماء. وقد مضى القول فيه في أول «البقرة» عند قوله تعالى: {
{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ }
} [البقرة: 29] مستوفًى. والعرب تقول: دَحَوْت الشيءَ أدحوه دحواً: إذا بسطته. ويقال لعش النعامة أُدحِيّ؛ لأنه مبسوط على وجه الأرض. وقال أمية بن أبي الصلت:
وبثَّ الخلقَ فيها إِذ دَحاهافهُمْ قُطَّانُها حتّى التنادِي
وأنشد المبرّد:
دحاها فلما رآها ٱستوتعلى الماءِ أرسى عليها الجِبالاَ
وقيل: دحاها سوّاها؛ ومنه قول زيد بن عمرو:
وأَسلمتُ وجهي لمن أَسلمتْله الأَرضُ تحمِل صَخْراً ثِقالا
دحاها فلما ٱستوت شَدَّهابأيْدٍ وأرسَي عليها الجِبالا

{دَحَـٰهَا } بسطها ومهدها للسكنى

{والأرض بعد ذلك دحاها} أي بعد خلق السماء بسطها من الدحو وهو البسط قال ابن عباس: إن الله تعالى دحا الأرض بعد السماء وإن كانت الأرض خلقت قبل السماء وكانت ربوة مجتمعة تحت الكعبة فبسطها وقال مجاهد والسدي: معناه والأرض مع ذلك دحاها كما قال

دحاها بسطها، قال زيد بن عمرو بن نفيل:
دحاها فلما رآها استوت على الماء أرسى عليها الجبالا
وقال أمية بن أبي الصلت:
دحوت البلاد فسويتها وأنت على طيها قادر
قال أهل اللغة في هذه اللفظة لغتان دحوت أدحو، ودحيت أدحى، ومثله صفوت وصفيت ولحوت العود ولحيته وسأوت الرجل وسأيته وبأوت عليه وبأيت، وفي حديث علي عليه السلام
اللهم داحي المدحيات
أي باسط الأرضين السبع وهو المدحوات أيضاً، وقيل: أصل الدحو الإزالة للشيء من مكان إلى مكان، ومنه يقال: إن الصبي يدحو بالكرة أي يقذفها على وجه الأرض، وأدحى النعامة موضعه الذي يكون فيه أي بسطته وأزلت ما فيه من حصى، حتى يتمهد له، وهذا يدل على أن معنى الدحو يرجع إلى الإزالة والتمهيد.

وقوله تعالى: { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا} فسره بقوله تعالى: { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَـٰهَا} وقد تقدم في سورة حم السجدة أن الأرض خلقت قبل خلق السماء، ولكن إنما دحيت بعد خلق السماء، بمعنى أنه أخرج ما كان فيها بالقوة إلى الفعل، وهذا معنى قول ابن عباس وغير واحد، واختاره ابن جرير. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا عبيد الله، يعني: ابن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {دَحَـٰهَا} ودحيُها: أن أخرج منها الماء والمرعى، وشقق فيها الأنهار، وجعل فيها الجبال والرمال، والسبل والآكام، فذلك قوله: { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا} وقد تقدم تقرير ذلك هنالك.

{وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا } بسطها ومهدها للسكنى.

{وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَٰهَآ } بسطها وكانت مخلوقة قبل السماء من غير دحو.

{وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا } أي: بعد خلق السماء، ومعنى {دحاها} بسطها، وهذا يدلّ على أن خلق الأرض بعد خلق السماء

{وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا} مع ذلك بسطها على الماء ويقال بعد ذلك بسطها على الماء بألفي سنة

{وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا} يعني بعد خلق الأرض السماء وبسط الأرض ومدها

أحدها: بسطها , قاله ابن عباس.
قال أمية بن أبي الصلت: (وَبَثَّ الخلْق فيها إذْ دَحاها ... فَهُمْ قُطّانُها حتى التنادي)
قال عطاء: من مكة دحيت الأرض , وقال عبد الله بن عمر: من موضع الكعبة دحيت.
الثاني: حرثها وشقها , قاله ابن زيد.
الثالث: سوّاها , ومنه قول زيد بن عمرو:
(وأسْلَمْتُ وجهي لمن أسْلَمتْ ... له الأرضُ تحمل صَخْراً ثِقالا)
(دحاها فلما اسْتَوتْ شدّها ... بأيْدٍ وأرْسَى عليها الجبالا)

{وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ}، بعد خلق السماء، {دَحَـٰهَا}، بسطها، والدَّحْو: البسط. قال ابن عباس: خلق الله الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء, ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات، ثم دحا الأرض بعد ذلك.

{والأرض بعد ذلك دحاها} متوجه على أن الله تعالى خلق الأرض ولم يدحها، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فخلقها وبناها، ثم دحا الأرض بعد ذلك، وقرأ مجاهد: و "الأرض مع ذلك"، وقال قوم: إن {بعد ذلك} معناه مع ذلك، والذي قلناه تترتب عليه آيات القرآن كلها، ونسب الماء والمرعى إلى الأرض حيث هما يظهران فيها، ودحو الأرض بسطها ومنه قول أمية بن أبي الصلت: [الكامل]
دار دحاها ثم أسكننا بها وأقام بالأخرى التي هي أمجد

{والأرض بعد ذلك} أي: بعد خلق السماء {دحاها} أي: بسطها.

{بَعْدَ ذَلِكَ} مع ذلك أو خلق الأرض قبل السماء ثم دحاها بعد السماء {دَحَاهَآ} بَسَطَها "ع" ودحيت من موضع الكعبة أو من مكة أو حرثها وشقها أو سواها.

{والأَرْضَ بَعْدَ ذٰلِكَ دَحَاهَا} بسطها وكانت مخلوقة غير مدحوة فدحيت من مكة بعد خلق السماء بألفي عام.

{والأرض بعد ذلك دحاها} أي بسطها ومدها قال أمية بن أبي الصلت:
دحوت البلاد فسويتها وأنت على طيها قادر
فإن قلت ظاهر هذه الآية، يقتضي أن الأرض خلقت بعد السّماء بدليل قوله تعالى {بعد ذلك} وقد قال تعالى: في حم السّجدة {ثم استوى إلى السماء} فكيف الجمع بين الآيتين وما معناهما.
قلت خلق الله الأرض أولاً مجتمعة، ثم سمك السماء ثانياً، ثم دحا الأرض بمعنى مدها وبسطها. ثالثاً، فحصل بهذا التفسير الجمع بين الآيتين، وزال الإشكال قال ابن عباس: خلق الله الأرض بأقواتها، من غير أن يدحوها قبل السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات، ثم دحا الأرض بعد ذلك، وقيل معناه والأرض مع ذلك دحاها

{والأرض بعد ذلك}: أي بعد خلق السماء وما فعل فيها، {دحاها}: أي بسطها، فخلق الأرض ثم السماء ثم دحا الأرض

{دحاها} الدحو وهو تمهيدها لأجل السكنى

وقوله تعالى: {وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا} متوجِّه على أن اللَّهَ خلقَ الأرضَ ولم يَدْحُهَا ثم استوى إلى السَّمَاءِ وهي دُخَانُ فخلقَها، وبنَاها، ثم دَحَا الأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ، ودَحْوُها بَسْطُها.

أخرج منها ماءها ومرعاها -31- يقول بحورها ونباتها لأن النبات والماء يكونان من الأرض والجبال أرساها- 32- يقول أوتدها في الأرض لئلا تزول، فاستقرت بأهلها.




- والأرض مددناها فبسطناها، لأنه قال: في موضع آخر {والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}
- قال ابن عباس: خلق الله - جل ذكره - الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات ثم دحا الأرض بعد ذلك.
والدحو في كلام العرب: البسط والمد.
قال قتادة والسدي: {دَحَاهَا} " بسطها ".

«دَحاها» بسطها ومدّها.



قَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت:
(وَبث الْخلق فِيهَا إِذْ دحاها ... فهم قطانها حَتَّى التنادي)
وَقَالَ سعيد بن زيد:
(أسلمت بوجهي لمن أسلمت ... لَهُ الأَرْض تحمل صخرا ثقالا)
دحاها فَلَمَّا اسْتَوَت شدها ... وأرسى عَلَيْهَا جبالا)
04- دحا في الأشعار العربية.

ما أنس لا أنس خبازاً مررت به ... يدحو الرقاقة وشك اللمح بالبصر
ما بين رؤيتها في كفة كرة ... وبين رؤيتها زهراء كالقمر
إلا بمقدار ما تنداح دائرة ... في صفحة الماء يرمى فيه بالحجر

ما أنس لا أنس خبازاً مررت به ... يدحو الرقاقة وشك اللمح بالبصر

وقال زيد بن عمرو بن نفيل :
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما رآها استوت ..... على الماء أرسى عليها الجبالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ..... له المزن تحمل عذبا زلالا

دان مسفِّ فويق الأرض هيدبُه ... يكاد يدفعه من قام بالرَّاحِ
فمن بنجوته كمن بعقوتهِ ... والمستكنُّ كمن يمشي بقرواحِ
يقشر جلدَ الحصى أجشَّ مبتركا ... كأنه فاحصٌ أو لاعبٌ داح
الداحى: الذى يدحو الحجر بيده، أى: يرمى به ويدفعه

أعددت للورد إذا الورد خفز ... عريا حرورا وجلا لا خزخز
وما دحا لا ينثني إذا احتجز ... في كلّ عضو جرذان وخزز

كأنى دحوت الأَرْض من خبرتى بهَا ... كأنى بنى الْإِسْكَنْدَر السد من عزمى

جمعت وفحشاً غيبةً ونميمةً ... خصالاً ثلاثا لست عنها بمرعوى
أفحشاً وجبنا واختتاء عَنِ الندى ... كأنك أفعى كدية فر محجوى
فيدحو بك الداحى إِلَى كل سوءة ... فيا شر من يدحو بأطيش مدحوي

ومن عبد شمسٍ بالمغارب عصبةٌ ... فأسعدها الرحمن حيث أحلّها
دحا تحتها مهداً من العزّ آمناً ... ومدّ جناحاً فوقها فأظلّها

ينوي التي فضلها ربّ العلى ... لما دحا تربتها على البنى
حتى إذا قابلها استعبر لا ... يملك دمع العين من حيث يرى

يحملنَ كلَّ شاحبٍ محقوقفٍ ... منْ طولِ تدآبِ الغدوِّ والسُّرى
برٍّ برى طولُ الطَّوى جثمانهُ ... فهو كقدحِ النَّبعِ محنيُّ القَرا
ينوي التي فضَّلها ربُّ العُلى ... لما دحَا تربتَها على البنى

الثلجُ يطرقُنا في كلِّ شارقةٍ ... كالقطنِ مُنتثراً من قوسِ حلاّجِ
أو كالدقيقِ منَ الحوّارِ تنخلُهُ ... أيدي مناخلَ ما نِيطَتْ بأشْراجِ
كأنّما الأرضُ منْ وقْعِ الجليدِ بها ... زجاجةٌ قدْ دحاها كفُّ زَجّاجِ

ممتدة الأعناق والإدراك ... موقنة بعاجل الهلاك
غادرها يهوي على الدكاك ... أسرى بكفيه بلا فكاك
يا غدوات الصيد ما أحلاك ... ومنة الشاهين ما أقواك
لم تكذبي فراسة الأفلاك ... إياك أعني ما دحا إياك

دارٌ دحاها ثمَّ أعمرنا بها ... وأقام بالأخرى التي هي أمجد

الحمدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطاقَا، ... بَنَى السماءَ فَوْقَنا طِباقَا،
ثُمَّ دَحا الأَرضَ فَمَا أَضاقا
والله أعلم
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينْ، رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا .
----
بحث للأستاذ - ريان مبارك
8 تعليقات
أضف تعليقا